شعوذة "قصة"
ارتقت الدرجتين للحلقة الدائرية و النظرات الملتهبة تلتهمها
صارت على المنصة
جفت الحلوق
خفتت الأضواء
نظراتها نظرات هر في حلكة الليل
و كانت لحظة الجنون
الحلوق تزداد جفافاً
كان كالمشعوذ
في الجانـب
لم يتوقف أبداً
ظل الظلام يملأ المكان
و في الصباح
..تتابع خطواتها الهادئة..و هي ترمقهم بطرف عينها من بين خصلات شعرها الكستنائي....ظهرها لتلك العيون الجائعة....و الألسن تمصمص الشفاه..و الأيدي تفرك العيون.حركت رأسها يميناً و يساراً تثير شعرها فيتطاير..يجتث الشهقات من الصدور..أطلقت ضحكة ماجنة..و التفتت تواجه الجمهور الذي كاد يفقد صوابه..كادت قلوبه تعلن الصمت الأبدي..صارت أجسادهم ترتعش و كأنما الصرع قد أصابهم..يسري في دمائهم....و الأرض تخرج منها أنوار مذبذبة..حمراء و زرقاء و صفراء..و كأنها تنبثق من لب الأرض الجحيمي....و على شفتيها ابتسامة خبيثة تكشف عن أسنان مشبعة بالتبغ....لحظة العبث..الصيحات تعلو..الكل يكاد يرمي بجسده تحت قدميها..و هي لا تزال تضحك..تتمايل بجسدها المتآكل وسط أفواه تلك العيون....لا ترويها كؤوس الخمر..تزداد تحجراً..فيزيدوا الخمر..و تزيد هي من ميلها و إثارتها للجميع..حتى بنات جنسها. تتابعت الفتيات..واحدة تلو الأخرى..صارت المنصة الدائرية تعج بما يشتهي الفتيان من أجساد..الكل يتراقص على أنغام تلك الآلة التي يقف أمامها فتى يمزج المجون بها و يقدمها للأجساد لتتمايل مع الشيطان....يتبادل مع الفتاة نظرات الرضى و الاستحسان.تنصلت شيئاً فشيئاً..تركت المنصة..دورها انتهى..كان لابد من التبادل..الآن هي الجمهور و هم أصحاب العرض..الكل في الدائرة..يرقص..يفعل ما يشاء..لم يلحظ أحد أنها غابت..و لعلهم لاحظوا..لم يهمهم الأمر..لقد شبعوا منها..الصنوف أمامهم عديدة..متعة بلا ثمن..رخيصة....صارت ترقص مع فتى الموسيقى في انتـشاء..و مـن حين إلى آخر يلقون نظرة على سلالتـهم ..أبناء الشيطان فوق المنصة..لم يتوقف أحد عن الرقص....أبداً..فالحياة مازالت مستمرة..رقص مدى الحياة..حتى الموت.أجساد تتساقط..لم يتوقف أحد..صرخات موت..لم يتوقف أحد..أنوار تطفأ..لن يتوقف أحد..لن يمنع الظلام شيئاً..ربما يثيره....و ظل مجونهم عليهم مسيطر....كانت الحلقة تحتضن أجساداً سيبتلعها التراب بعد قليل..و يلعنها.