قصيده ابن زيدون
تَنَشَّقَ مِن عَرفِ الصَبا ما تَنَشَّقا
وَعاوَدَهُ ذِكرُ الصِبا فَتَشَوَّقاوَما زالَ لَمعُ البَرقِ لَمّا تَأَلَّقا
يُهيبُ بِدَمعِ العَينِ حَتّى تَدَفَّقاوَهَل يَملِكُ الدَمعُ المَشوقُ المُصَبَّأُ
خَليلَيَّ إِن أَجزَع فَقَد وَضَحَ العُذرُوَإِن أَستَطِع صَبراً فَمِن شيمَتي الصَبرُ
وَإِن يَكُ رُزأً ما أَصابَ بِهِ الدَهرُفَفي يَومِنا خَمرٌ وَفي غَدِهِ أَمرُ
وَلا عَجَبٌ إِنَّ الكَريمَ مُرَزَّأُرَمَتني اللَيالي عَن قَسِيِّ النَوائِبِ
فَما أَخطَأَتني مُرسَلاتُ المَصائِبِأَقضي نَهاري بِالأَماني الكَواذِبِ
وَآوي إِلى لَيلٍ بَطيءِ الكَواكِبِوَأَبطَأُ سارٍ كَوكَبٌ باتَ يُكلَأُ
أَقُرطُبَةُ الغَرّاءَ هَل فيكِ مَطمَعُوَهَل كَبِدٌ حَرّى لِبَينَكِ تُنقَعُ
وَهَل لِلَياليكِ الحَميدَةِ مَرجِعُإِذِ الحُسنُ مَرأىً فيكِ وَاللَهوُ مَسمَعُ
وَإِذ كَنَفُ الدُنيا لَدَيكِ مُوَطَّأُأَلَيسَ عَجيباً أَن تَشُطَّ النَوى بِكِ
فَأَحيا كَأَن لَم أَنسَ نَفحَ جَنابِكِوَلَم يَلتَئِم شَعبي خِلالَ شِعابِكِ
وَلَم يَكُ خَلقي بَدؤُهُ مِن تُرابِكِوَلَم يَكتَنِفني مِن نَواحيكِ مَنشَأُ
نَهارُكِ وَضّاحٌ وَلَيلُكِ ضَحيانُوَتُربُكِ مَصبوحٌ وَغُصنُكِ نَشوانُ
وَأَرضُكِ تُكسى حينَ جَوُّكِ عُريانُوَرَيّاكِ رَوحٌ لِلنُفوسِ وَرَيحانُ
وَحَسبُ الأَماني ظِلُّكِ المُتَفَيَّأُأَأَنسى زَماناً بِالعِقابِ مُرَفَّلاً
وَعَيشاً بِأَكنافِ الرُصافَةِ دَغفَلاوَمَغنىً إِزاءَ الجَعفَرِيَّةِ أَقبَلا
لَنِعمَ مَرادُ النَفسِ رَوضاً وَجَدوَلاوَنِعمَ مَحَلُّ الصَبوَةِ المُتَبَوَّأُ
وَيا رُبَّ مَلهىً بِالعَقيقِ وَمَجلِسِلَدى تُرعَةٍ تَرنو بِأَحداقِ نَرجِسِ
بِطاحُ هَواءٍ مُطمِعِ الحالِ مُؤيِسِمَغيمٍ وَلَكِن مِن سَنا الراحِ مُشمِسِ
إِذا ما بَدَت في كَأسِها تَتَلَألَأُوَقَد ضَمَّنا مِن عَينِ شُهدَةَ مَشهَدُ
بَدَأنا وَعُدنا فيهِ وَالعودُ أَحمَدُيَزُفُّ عَروسَ اللَهوِ أَحوَرُ أَغيَدُ
لَهُ مَبسِمٌ عَذبٌ وَخَدٌّ مُوَرَّدُوَكَفٌّ بِحِنّاءِ المُدامِ تُقَنَّأُ
وَكائِن عَدَونا مُصعِدينَ عَلى الجِسرِإِلى الجَوسَقِ النَصرِيِّ بَينَ الرُبى العُفرِ
وَرُحنا إِلى الوَعساءِ مِن شاطِئِ النَهرِبِحَيثُ هُبوبُ الريحِ عاطِرَةِ النَشرِ
عَلا قُضُبَ النُوّارِ فَهيَ تَكَفَّأُوَأَحسِن بِأَيّامٍ خَلَونَ صَوالِحِ
بِمَصنَعَةِ الدولابِ أَو قَصرِ ناصِحِتَهُزُّ الصَبا أَثناءَ تِلكَ الأَباطِحِ
صَفيحَةَ سَلسالِ المَوارِدِ سائِحِتَرى الشَمسَ تَجلو نَصلَها حينَ يَصدَأُ
وَيا حَبَّذا الزَهراءَ بَهجَةَ مَنظَرِوَرِقَّةَ أَنفاسٍ وَصِحَّةَ جَوهَرِ
وَناهيكَ مِن مَبدا جَمالٍ وَمَحضِرِوَجَنَّةِ عَدنٍ تَطَّبيكَ وَكَوثَرِ
بِمَرأىً يَزيدُ العُمرَ طيباً وَيَنسَأُمَعاهِدُ أَبكيها لِعَهدٍ تَصَرَّما
أَغَضَّ مِنَ الوَردِ الجَنِيِّ وَأَنعَمالَبِسنا الصِبا فيها حَبيراً مُنَمنَما
وَقُدنا إِلى اللَذاتِ جَيشاً عَرَمرَمالَهُ الأَمنُ رِدءٌ وَالعَداوَةُ مَربَأُ
كَساها الرَبيعُ الطَلقُ وَشيَ الخَمائِلِوَراحَت لَها مَرضى الرِياحِ البَلائِلِ
وَغادى بَنوها العَيشَ حُلوَ الشَمائِلِوَلا زالَ مِنّا بِالضُحى وَالأَصائِلِ
سَلامٌ عَلى تِلكَ المَيادينِ يُقرَأُإِخوانَنا لِلوارِدينَ مَصادِرُ
وَلا أَوَّلٌ إِلّا سَيَتلوهُ آخِرُوَإِنّي لِأَعتابِ الزَمانِ لَناظِرُ
فَقَد يَستَقيلُ الجَدُّ وَالجَدُّ عاثِرُوَتُحمَدُ عُقبى الأَمرِ مازالَ يُشنَأُ
ظَعَنتُ فَكانَ الحُرُّ يُجفى فَيَظعَنُوَأَصبَحتُ أَسلو بِالأَسى حينَ أَحزَنُ
وَقَرَّ عَلى اليَأسِ الفُؤادُ المُوَطَّنُوَإِنَّ بِلاداً هُنتُ فيها لَأَهوَنُ
وَمَن رامَ مِثلي بِالدَنِيَّةِ أَدنَأُوَلا يُغبِطُ الأَعداءَ كَونِيَ في السِجنِ
فَإِنّي رَأَيتُ الشَمسَ تُحصَنُ بِالدَجنِوَماكُنتُ إِلّا الصارِمَ العَضبَ في جَفنِ
أَوِ اللَيثَ في غابٍ أَوِ الصَقرَ في وَكنِأَوِ العِلقَ يُخفى في الصِوارِ وَيُخبَأُ
يَضيقُ بِأَنواعِ الصَبابَةِ مَذهَبيإِلى كُلِّ رَحبِ الصَدرِ مِنكُم مُهَذَّبِ
مُفَضَّضِ لَألاءِ الأَساريرِ مُذهَبِيُنافِسُ مِنهُ البَدرُ غُرَّةَ كَوكَبِ
دَرى أَنَّها أَبهى سَناءً وَأَضوَأُأَسِفتُ فَما أَرتاحُ وَالراحُ تُثمِلُ
وَلا أُسعِفُ الأَوتارَ وَهيَ تَرَسَّلُوَلا أَرعَوي عَن زَفرَةٍ حينَ أُعذَلُ
وَلا لِيَ مُذ فارَقتُكُم مُتَعَلَّلُسِوى خَبَرٍ مِنكُم عَلى النَأيِ يَطرَأُ
حَمِدتُم مِنَ الأَيّامِ لينَ خِلالِهاوَسَرَّتكُمُ الدُنيا بِحُسنِ دَلالِها
مُؤَمَّنَةً مِن عَتبِها وَمَلالِهاوَلا زالَ مِنكُم لابِسٌ مِن ظِلالِها
يُسَوِّغُ أَبكارَ المُنى وَيُهَنَّأُ